لن اكون منصفًا إذا انتقدت حكومتنا الرشيدة، فيما يتعلق بقرارها الأخير بشأن رفع سعر رغيف الخبز إلى 20 قرشًا، اعتبارًا من بداية شهر يونيه المقبل، خاصة إذا علمنا أن تكلفة رغيف الخبز على الدولة تصل إلى 125 قرشًَا، فى الوقت الذى يتم بيعه بسعر 5 قروش فقط.
الكلام يبدو منطقيًا ومتسقًا مع الظروف الاقتصادية الحالية -وفقًا لما ذكره أخيرًا الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء-فى ظل ما تتكبده الدولة من أعباء مالية كبيرة وبما تساهم به من دعم عينى فى إطار ما يعرف ب”منظومة الخبز” التى تتيح شهريًا لكل مواطن، يحمل بطاقة التموين الذكية، مجموعة من النقاط تساعده فى الحصول على سلع ومواد تموينية.
لكن الدكتور مدبولي، تطرق فى حديثه إلى نقطة أخرى وهى أن الدولة مستعدة لتنفيذ ما توصي به لجنة الحوار الوطني بشأن “تحويل الدعم العيني إلى نقدي حتى لو بمبلغ اكثر عن الدعم المتواجد حاليًا وهذا فقط لاستدامة الدعم”، مؤكدًا أن الدعم النقدي أفضل للمواطن من الدعم العيني لأنه يستطيع -من خلاله- شراء ما يحتاجه من السلع!
وهنا نتوقف قليلًا أمام هذه الرغبة الحكومية العارمة فى تقديم دعم مالى نقدى -فى صورة حفنة جنيهات-تفتح الباب أمام المواطن لشراء مالذ وطاب من السلع!، ففى هذا الكلام لغط كبير خاصة أن الف باء محاربة التضخم فى اى دولة هو تقليل وجود الاموال السائلة فى يد المواطنين وكان أبرز الخطوات فى هذا الاطار هو طرح شهادات الاستثمار البنكية -خلال السنوات الأخيرة -ذات العوائد المرتفعة لجذب الاموال لتكون بين أحضان الجهاز المصرفى، وهو ما يتناقض مع ما ترمى اليه حكومتنا الآن بزيادة الدعم وتحويله من عينى إلى نقدى، معيدة بذلك اموالًا طائلة لتكون فى حوزة المواطنين، وبالتالى ارتفاع للأسعار وانخفاض لقيمة الجنيه !.
حقًا إن منظومة الدعم فيها الكثير من التفاصيل- كما ذكر السيد رئيس مجلس الوزراء – ولكنها ياسيدى تفاصيل إنسانية أكثر منها مادية، وهى تفاصيل ليست بغريبة عن دولة رئيس الوزراء، الذى يدرك جيدًا أن القوة الشرائية للجنيه المصرى قد تهاوت أخبرًا، إلى الحد الذى أضحت فيه الزيادات الأخيرة فى الأجور لا تفى بالحد الادنى من متطلبات الحياة.