ليس مهماً كيف يراك الآخرون المهم كيف ترى نفسك.. مقولة باتت تقال كثيرا في سياق من النرجسية الشخصية، وإن كان مقصودها الحقيقى أن ترى نفسك بعين التقدير والرضا لتعزيز إيجابياتك وشحذ همتك لبلوغ الأمل والانطلاق نحو الهدف، لكن للأسف هناك من ينحرف عن سياقها المراد في ظل واقع يعلو من شأن التفاهات على حساب الأخلاقيات، يبدأ بإرضاء النفس أولاً ثم الالتفات لرضا الآخرين ثانيا، بعدما باتت قيمة ووزن الإنسان بما يملكه من مال، وليس بما يتحلى به من تربية وعلم وخلق، حتى لو كان من التربح على حساب أقوات الناس، وأضحت قيمته بمنصبه حتى ولو جاء نتيجة خداع وتضليل وهمبقة.
لذا، إذا أردت – يا عزيزى – أن يراك الآخرون حقا فكّر في أثر أفعالك عليهم، واحرص كل الحرص على التبسّم مهما كان بك من وجع وهمّ، فكُن مصدر سعادة وأمل وإيثار، وكن جميلا نبيلا لتكن طلّتك مصدر ارتياح وأمان، فجمال وجهك يزداد كلما تبسمت.
واعلم – يا عزيزى – أنه لن يدخلك الله جنته بعقلك العظيم، وإنما بما قال جلّ شأنه “مَن أتى الله بقلبٍ سليم”، ولا تكن من الذين ضاعت إنسانيتهم في زمن المَصالح والحسابات، فقمة السعادة أن تُعطي مَن تُحب، وتُضحي من أجله دون انتظار مُقابل أو حسابات.
وأن تكن – يا عزيزى – ممن ينسون الجِراح ويبقون على الأفراح، ومن الذين لا يقطعون واصلا أو يردون سائلا، ومن الذين يقال عنهم يغرسون الورود لا الأشواك، ومن الذين إذا أخذوا أخذوا على استحياء فلا يعرفون الكره ولا البغضاء، وقلوبهم دائما لا يسكنها لا الحقد ولا الشحناء.
وأخيرا.. كن متيقظا وواعيا بتأثيرك على الآخرين، فاهتم بهم يهتمون بك، فعلى قدر عطاياك تأتيك المنح، وعلى قدر قيمتك تتشكل إنسانيتك، واسأل نفسك دائما كيف يرانى الآخرون ورب الآخرين؟..