تعيش مصر أجواء ما أشبهها بالبارحة، ربما تختلف الظروف والحالات المزاجية والنفسية للشعب، ولكن ما نتفق عليه أننا بين مؤيد ومعارض ننتظر ما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية القادمة، وبدء مرحلة جديدة من البحث عن مصر الجديدة، التى مازلنا نبحث عنها بين فوضى تردى الحالة الأمنية، وخور حماس الثائرين والمطالبين بالتغيير، وعودة حزب الكنبة إلى مكانه الذى لم يكد يبرحه.
اتفقنا أم اختلفنا.. فالشعب له طابور من المطالب التى يأمل أن يتحقق منها الجزء الذى يجعله يشعر بالتحسن النسبى فى الأحوال المعيشية والمزاجية، التى ربما طال انتظاره وسط تخبط أصحاب المصالح العليا، التى لا يريد المواطن البسيط الخوض فيها، التى لا تعنيه من قريب أو بعيد إلا إذا أتت على لقمة عيشه التى ينالها بشق الأنفس.
نعم الحالة الاقتصادية متردية، الاستثمار فى حالة تراجع، والسياحة حدث عنها ولا حرج؛ لأنها ترتبط بالحالة الأمنية للشارع المصرى، فهى رهينة بتلك الحالة التى يترقبها السائحون الذين يعشقون تراب مصرنا الحبيبة.
كل ما تقدم من الاعتراف بـ الأحوال الاقتصادية والأمنية السيئة لا يعطى مبررا للرئيس القادم أن يقترب من أسعار السلع الاستراتيجية، معلنا للشعب المغلوب على أمره أن نربط الحزام، و نستعد لفترة صيام لا يعلم مداها إلا الله عز وجل، لن يقبل الشعب من الرئيس القادم أن يسوف لإحداث التغيير، فما كان قبل 25 يناير لن يعود، فنحن أمام مسرح قد أزيحت ستائره، وأصبح القاصى و الدانى يتحدث فى الأمور السياسية ومن نهبوا خيرات مصر، ولا أعتقد مثلًا، أن يخرج الرئيس القادم على الشعب ليعلن له حزمة قرارات من شأنها مطالبته بالصبر على تلك الأحوال المتردية، فالأولى أن يحاول استعادة ثروات مصر المنهوبة ممن يعيثون فى الأرض فسادًا، وحتى لو على سبيل الصفقة، فهذا الشعب الذى تحمل كثيرًا، يريد أن يحقق جزءًا من أحلامه المؤجلة.
الرئيس القادم عليه أن يتبنى مشروعًا قوميًا سريع الأجل يؤتى بثماره فى أقصر وقت ممكن، فلن يدفع الشعب فاتورة الفاسدين، الذين نهبوا خيرات مصر ومازالوا أحرارًا.
إذا أراد الرئيس القادم أن يلتف حوله الشعب حتى المعارض منهم والرافض له فعليه أن يكون فى صف الفقراء، الذين يرضون من العيش بأيسره، ولا يسمح بالطغاة أن يرتفع صوتهم، فما زالت ثورة 25 يناير إرهاصة لانتفاضة هذا الشعب.
الشعب ينتظر أن تتحسن أحواله المعيشية من حيث زيادة الدخل، وتوفير المؤسسات العلاجية التى تحترم آدميته، وتوفير مسكن بأسعار تناسب الشباب المقبل على الزواج، ومد شبكات المياه العذبة لكل قرى ونجوع مصر، وزيادة مساحة الرقعة الزراعية، والحد من نسبة البطالة بتبنى مشروعات عملاقة توفر فرص العمل، وتطوير البحث العلمى.
نعم، مطالب الشعب لا تعد ولا تحصى؛ لأنه عانى من الحرمان سنوات طويلة، ولكنها ضريبة من يطمح فى كرسى حكم بلد بحجم مصر.