و دارت بها الشمس من موسم
سخيّ إلى موسم أطيب
إلى أن غرتها سيول التتار
ورنّحها العاصف الأجنبي
تهاوت وراء ضجيج الفراغ
تفتّش عن أهلها الغيّب
و تبحث عن دارها في الطيوف
و تستنبيء اللّيل عن كوكب
و تحلم أجفانها بالكرى
فتخفق كالطائر المتعب
هناك جثث في اشتياق المعاد
تحدّق كالموثق المغضب
فتلحظ خلف امتداد السنين
على زرقة ” النيل ” وعدا صبي
تمرّ عليه خيالات ” مصر “
مرور الغواني على الأعزب
رأت فمه برعما لا يبوح
و نسيان في قلبه مختبي
و كان انتظارا فحنّت إليه
حنين الوليد إلى المرضعة
و دارت نجوم و عادت نجوم
و أهدابها ترتجي مطلعة
و كانت تواعدها الأمسيات
كما تعد البيدر المزرعة
و لاقته يوما و كان اسمه
” جمالا ” فلاقت صباها معه
هنا لاقت الوحدة ابنا يسير
فتمشي الدنا خلفه طيّعه
و مهدا صبورا سقاها النضال
فأهدت إلى المعتدي مصرعة
غذاها دم ” النيل ” خصب البقاء
و لقّنها الفكرة المبدعة
و علّمها من عطايا حشاه
و كفّيه أن تبذل المنفعة
و من جوّه رفرفات الحمام
و من رمله طفرة الزّوبعه
و قطّرها في خدود النجوم
صلاة و أغنية ممتعو
و أطلع للعرب أقباسها
شموسا بصحو المنى مشبعة
هناك أفقنا على وحدة
يمدّ الخلود لها أذرعة
الشاعر اليمني
عبدالله البردوني