مؤكد أن الأخ له منزلة كريمة لأنه عطية من الله تعالى، وهبة من الحق جلّ شأنه، فقد قال الله تعالى مخاطبا موسى عليه السلام، “واذكر في الكتاب موسى ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبياً”.. فلماذا الأخ ولم يكن أي أحد سواه؟.. لأنه الحصن الحصين والسند عند المصائب والهموم، والعون والنصير بعد الله عز وجلّ في معارك الحياة، فهو أنس الخاطر وسلوى القلب وقرة العين، فقولا واحدا لا يضيق أبدا من له أخ كريم.. لذا نقول لكل أخ يهجر أخيه أو لمن يخاصم أخوته، اعلم أن أخاك يُزينه ما يُزينك ويُعيبه ما يُعيبك فبه تُهاب وبه أيضا توصم وتعار..
فكيف تهجر أخيك، وقد ذكر الله عز وجل لفظ الأخ وما اشتق منه في كتابه العزيز 96 مرة..؟ ومن أروع الأمثلة على عظمة الأخ هو ما جاء فى قصة موسى عليه السلام، فرأينا كيف نادى موسى ربه متضرعا منكسرا وهو يطلب النبوة لأخيه هارون، “وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي.. هَارُونَ أَخِي.. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي.. وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي”..
وقوله جلّ شأنه “سنشد عضدك بأخيك” والسؤال، لماذا خصّ الله بذكر كلمة عضدك عن بقية أعضاء الجسم، لأن العضد هو من المرفق إلى الكتف، وهذا المنطقة هي بمثابة القوة في الأيدى، لذلك فالأخ هو النصير في الحياة، لذا، نقول إذا كنت تهجر أخيك من أجل مال فالمال زائل لا مُحالة، وإن كنت تهجر أخيك من أجل زوجة، فلا تنسى قوله تعال ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ ” وقوله ” إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ “.
فالأخ – يا عزيزى – لا يُعوض، فقد قيل لأعرابى، ماتت زوجتك.. قال “جُدد فراشى”.. قيل له مات ولدك.. قال “عظُم أجرى”.. قيل له مات أبوك.. قال: “ملكت أمرى”.. قبل له مات أخيك، قال “قًصم ظهرى”.. فلا تكن مثل قابيل الذى اعتدى على أخيه من أجل دنيا زائلة وامرأة فانية، فكان من أصحاب النار فأصبح من الخاسرين النادمين، وكن مثل هابيل، الذى قال لأخيه كما جاء في الذكر الحكيم “لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ”.
واعلم – يا عزيزى – أنه لا يدخل الجنة قاطع رحم، وكم من أخ أحسن إلى أخوته فرفع الله مقامه وأكرم ذكره.. وكم من فقير أغناه الله بسبب قيامه على أخوته بعد موت أبيه..
وها هي امرأة قد خُيرت أن تُنقذ واحدا من ثلاثة “زوجها أو ابنها أو أخيها” فختارت أخيها، فقيل لها: لماذا اخترت الأخ، فقالت: “لأن الزوج موجود، والولود مولود أما الأخ مفقود بفقدان أمه وأبوه”..
نهاية .. الأخ سند ورصيد، ولا تنسى أنه إذا ما اتعثرت قدماك فإنك تصرخ وتقول “أخ “.