“منسيون ومهملون، ولا يجدون العلاجات، وقد يداهمهم الموت قريبا”، هكذا يدق أطباء ومسؤولون فلسطينيون تحدث معهم موقع “الغد المشرق ” ناقوس الخطر بشأن مرضى الأمراض المزمنة في غزة، في ظل شبه انهيار للمنظومة الصحية بالقطاع.
والأربعاء، حذرت منظمة الصحة العالمية، من أزمة تواجه أصحاب الأمراض المزمنة في غزة، مع وجود أكثر من ألف مريض بحاجة إلى غسيل الكلى للبقاء على قيد الحياة.
وأشارت لوجود أكثر من ألفي مريض يتعالجون من السرطان، و45 ألف شخص مرضى بأمراض القلب والأوعية الدموية، وأكثر من 60 ألف مريض بالسكري.
أصحاب الأمراض المزمنة “يعانون”
يكشف المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية، الدكتور أشرف القدرة، عن “أزمة خطيرة تواجه مرضى الأمراض المزمنة في قطاع غزة، في ظل انهيار المنظومة الطبية بالقطاع”.
وهناك أكثر من 130 من الأطفال الخدج بحضانات الأطفال، و160 مريضا تحت أجهزة التنفس الاصطناعي، و1100 مريض بالفشل الكلوي، وفق حديثه لموقع “الحرة”.
ويشير إلى وجود 9 آلاف مريض بالسرطان، وكان يتم إجراء أكثر من 200 عملية قيصرية يوميا، لكنهم اليوم “لا يتلقون خدمات طبية”، على حد قوله.
ويشدد القدرة على أن “هؤلاء بحاجة للحصول على الخدمات الصحية العاجلة والأساسية في ظل نقص الأدوية والإمدادات الصحية والمساعدات الأخرى، مثل الوقود والمياه والغذاء”.
كارثة تلوح بالأفق
يؤكد مسؤول الإعلام في الهلال الأحمر الفلسطيني، رائد النمس، أن المرضى الأكثر تضررا من “انهيار المنظومة الطبية في غزة”، هم أصحاب الأمراض المزمنة.
وبسبب شح الموارد الأساسية ونقص العلاجات والأدوية وعدم قدرة المرضى على مغادرة غزة لتلقي بعض العلاجات في الضفة الغربية وإسرائيل، منذ بدء الحرب، فإن غالبية هؤلاء “معرضون للخطر”، حسبما يوضح لموقع “الحرة”.
وقبل السابع من أكتوبر، كان نحو 100 مريض يوميا بحاجة إلى الخروج من القطاع للحصول على خدمات صحية متخصصة بسبب نقص الخدمات الصحية المتخصصة، وفق وكالة “فرانس برس”.
وفي ظل القصف الإسرائيلي المستمر وعدم وجود “مياه ولا دواء ولا كهرباء”، فهناك “كارثة تلوح في الأفق”، خاصة أن أصحاب الأمراض المزمنة هم “الأكثر عرضة للخطر، في حال انهارت المنظومة الصحية بشكل”.
في المقابل، قالت وحدة المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي، في وقت سابق لموقع “الحرة”، إن “منظمة حماس الإرهابية، وبما يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، تعمل من داخل المرافق المدنية (مثل المستشفيات)، وبالتالي تستخدم سكان غزة دروعا بشرية وتعرّض مواطني قطاع غزة للخطر”.
وأضافت: “الجيش يعمل على إخلاء السكان المدنيين من شمالي القطاع إلى جنوبه، وهو منطقة تم تعريفها كأكثر أمانا، والتي تتوفر فيها البنى التحتية الإنسانية”.
وشددت على أن “عدم المساس بالمدنيين خلال الغارات على القطاع يمثل مصلحة مشتركة لمواطني غزة ودولة إسرائيل”.
“في مهب الريح”
في حديثه لموقع “الحرة”، يحذر رئيس قسم جراحة العظام في المستشفى الأهلي العربي “المعمداني” بغزة، الدكتور فضل نعيم، من غياب الاهتمام بمرضى “السكري والسرطان والفشل الكلوي والربو وضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية”.
ومنذ بدء الحرب فإن أصحاب الأمراض المزمنة “منسيون ومهملون” لكنهم يعانون يوميا، نتيجة نقص الأدوية والعلاجات، وإغلاق عيادات الرعاية الأولية”، ما يجعلهم “في مهب الريح”، على حد تعبيره.
ويشير إلى أن “نقص العلاجات وعدم وجود متابعة صحية دورية”، قد يؤدي في النهاية إلى حدوث مضاعفات خطيرة لدى أصحاب الأمراض المزمنة.
ويتطرق في حديثه إلى مرضى السرطان والذين يتلقون العلاج في مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، وبعد توقفه عن العمل، تم نقل بعض المرضى لمستشفيات مختلفة بالقطاع في محاولة “لمتابعة حالتهم”.
لكن علاجهم ومتابعة حالتهم الصحية “لن يتم بالشكل الأمثل”، خاصة أن غالبية مرضي السرطان يحتاجون للعلاج في الخارج سواء بالضفة الغربية أو الداخل الفلسطيني أو مصر، ومع إغلاق المعابر يفقدون “فرصتهم في العلاج من المرض العضال”، حسبما يؤكد نعيم.
على “شفير الموت”
بدوره، يشدد مدير مستشفى غزة الأوروبي، الدكتور يوسف العقاد، على حاجة مرضى السرطان لعلاجات خاصة، تبدأ بـ”جلسات العلاج الكيماوي، ثم العلاج الإشعاعي، وبعض أدوية الهرمونات”.
والعلاج الإشعاعي غير متوفر في غزة منذ سنوات، ما يضطر المستشفيات إلى تحويل المرضى للعلاج خارج القطاع، وهو ما لا يحدث في الوقت الحالي، حسبما يوضح لموقع “الحرة”.
وفيما يخص العلاج الكيماوي، فـ ٥٠ بالمئة من تلك العلاجات “غير متوفرة” بالقطاع بالأساس، وفي ظل الحرب الدائرة حاليا وإغلاق المعابر، فالوضع أصبح “أكثر صعوبة”، وفق العقاد.
ويشدد على أن هؤلاء المرضى يحتاجون لـ”رعاية صحية دورية، ومتابعة دائمة، وتلقى العلاجات بانتظام”، لكن في ظل الحرب الحالية فمن المستحيل “رعايتهم بالشكل الأمثل”.
ويحذر العقاد من مضاعفات قد تطال أصحاب الأمراض المزمنة عامة، ومرضى السرطان خاصة، وفي حال تخلفهم عن تلقى العلاجات في مواعيدها المحددة فإن مصيرهم “الموت”.
مساعدات “غير كافية”
الأربعاء، دخلت إلى غزة، 61 شاحنة محملة بمساعدات إنسانية، بحسب السلطات الإسرائيلية.
ودخل قطاع غزة 272 شاحنة مساعدات حتى الأول من نوفمبر، وفق وكالة “أسوشيتد برس”.
رغم الزيادة الطفيفة في الإمدادات فإن عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة، وهو في المتوسط 14 شاحنة يوميا، لا يزال ضئيلا مقارنة مع 400 شاحنة كانت تدخل في الأوقات العادية يوميا لسكان القطاع، حسبما تشير “رويترز”.
ولذلك يشدد العميد السابق لكلية فلسطين للتمريض، الدكتور نبيل النجار، على أن تلك المساعدات “غير كافية” لمساعدة مرضى الأمراض المزمنة.
ويحتاج مرضى السكري والضغط وغسيل الكلى والسرطان عدة علاجات بعضها متوفر بغزة، لكن “عيادات الأونروا التي تساعد وزارة الصحة حاليا مقفلة، ولا يسمح للأطباء بتداول العلاج الموجود كـ مخزون بداخلها”، وفق حديثه لموقع “الحرة”.
ورغم تدفق مساعدات على غزة، لكن لا يوجد بها “علاجات لأصحاب الأمراض المزمنة”، ولذلك فهناك أزمة حقيقية تواجه هؤلاء المرضى، حسبما يشدد النجار.
ويشير إلى “تناقص العلاجات بشكل ملحوظ”، ما يجعل مصير أصحاب الأمراض المزمنة “الموت القريب”.
وأسفر الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر عن مقتل أكثر من 1400 شخص في إسرائيل معظمهم من المدنيين، وبينهم أطفال ونساء، بحسب السلطات الإسرائيلية.
وردت إسرائيل بقصف مكثف على غزة، ما أدى إلى مقتل 9061، بينهم 3760 طفلا، و2326 سيدة و 32 ألف مصاب، حسب آخر إحصائيات وزارة الصحة ،